أهلا بيك

أنصحك تدخل على أحلام صماء لو عايز تنتشي,لو عايز تشوف الواقع الكئيب ادخل اقرا رباعيات صاحي و المنسيين

2011/08/30

هذا الجيل ما قبل و ما بعد الثورة


هناك إختلاف شاسع بلا شك بين دقائق ما قبل تنحي الرئيس السابق و دقائق ما بعدها و كأن خطاب التنحي باب أغلق على عصر لينفتح باب على أخر...هكذا دائما تكون اللحظات الفاصلة,فهي إما تفصل في مصير أحدا ما أو تفصل بين عهدا و عهد أو أخ و أخيه (أيذكرك هذا بيوم الفصل؟)...لذا لزم أن نحلل كيف كنا و كيف أصبحنا فشتان بينهما و لو لم ندرس الفارق قد لا نتلافى عيوب التغيير و لا نجني ثماره المرجوة.


إحدى المصطلحات التي لن يسمع لها سمعا بعد الثورة..."جيل بايظ عايب خايب" , "الرجالة ماتوا في الحرب" , "حاسبوا الحرامية الكبار و لا انتم مش قادرين تتشطروا غير على الغلابة؟" فهي كلها كانت مصطلحات إن لم تكن تثبط من عزيمة النشأ فهي كانت تزيدهم عندا و إصرارا على إثبات الذات,فكيف يتهم من لم يمر من عمره عقدان من الزمان بالخيابة في ظل عدم وجود وسائل تعينه على تحقيق حلمه؟بل كل ما هنالك يبرر له عدم وجود تلك الوسائل...لكن ما أغرب الحياة حل محل ملذاتها المبررات و البلاوي و اللامبالاه.كيف يبالي من شاب في شبابه بفعل اليأس؟


أول ما عرفت في السياسة ال"حرب" و كنت أنذاك في السعودية و كان ت قد بدأت حرب الخليج...لم أفهم معناها من أدمع أمي فلما سألتها قالت أنها أناسا يقتلون أناسا...و لم يكن أعي بعد أي سببا للقتل...يا لبراءتي أنذاك!!ثم حين أتيت مصر و بدأت أشاهد نشرات الأخبار مجبرا مقهورا فها هي أخبار الرئيس تتصدر النشرة و تليها قضية فلسطين عدة قتلى و جرحى و مستوطنات جديدة.ثم ذلك الكم الهائل من المتسولين في الشوارع و المستغلين من التجار و سائقي الأجرة.كل هؤلاء ثم أشهد بنفسي مراسم تصوير كليب "إخترناه و بايعناه" في نادي المقاولون العرب.و والدي ينشغل إما بالكد في العمل أو متابعة الأخبار أو مباريات كرة القدم رغم محايلتي له أن يأتي بالفيلم أو البرنامج.كنت مجبرا على متابعة المسكنات التي كان يستخدمها ذلك النظام.لكني كنت أكره الكرة,و أكره الأخبار.لكني بعد قليل بدأت أكره عجز شعوب العرب في حل قضية فلسطين ثم قضية أفغانستان ثم قضية العراق...و الحكام العرب كما هم,يشيبون على عروشهم المتشققة.كرهت الرئيس بعد أن توسطت صورته القسم بالولاء و علم مصر بأعلى كل صبورة في فصول مدرستي الخاصة.و كأني إن لم أرى صورته يوما فقد إرتكبت خطيئة.و تربيت على النكات البذيئة عنه و عن الحكام العرب...فتارة يكون أغبى رئيس و تارة أخرى لا يعرف معنى كلمة "شعب".ثم بدأت تتكشف لي وسائل النظام في تنويم الشعب...فلما تتبع المصائب و الكوارث المباريات الهامة و الأحداث الإرهابية و الطائفية و المسرحيات الكوميدية؟ثم لما هذا التكتم الدائم و ضبابية الأخبار؟لكن بدأت الأفاق تتفتح بالقنوات الفضائية و الشبكة العنكبوتية و اللتان وفرتا وسائل بديلة للحديث و الرأي,فإن كان هناك حجرا على الرأي و إنتقاءا له في الجرائد و التلفاز المحلي,فتكسرت حدود الرقابة أو على الأقل بدأت الرقابة في التساهل رويدا رويدا مع الأعمال السينمائية تحت ضغط الطلب...فالناس تريد تنفيسا عما يحدث لها,فلم تعد أفلام من نمط  "العتبة جزاز و السلم نيلو فنايلو" تجدي نفعا مع تلك الأجيال,فهي قد إندفعت لقنوات أخرى بعيدا عن سيطرة و تحكم النظام.فقد توفرت في القنوات البديلة الأمان في ممارسة حرية الرأي و الفكر.بالطبع كان هناك رقابة على تلك القنوات و لكن بقليل من التحكم,في محاولة لتفريغ و ما بداخل الناس من غضب و تركهم ينفسوا عما بداخلهم,عسى تهدأ النفوس.لكن ما لم يكن متوقعا أن التنفيس حينما يكون جماعيا تزداد حرارة الأنفاس و تشطات الأنفس غضبا و تتحول الى غضب جماعي,فلست وحيدا في غضبك بل هناك الكثيرون يشاطرونك نفس الهم و الكرب و الغضب.و لحسن الحظ نتج عن هذا الغضب الجماعي ثورتنا السلمية.


بالأمس كان الشعور السائد يأس و عجز و ألم...اليوم يجب أن يكون أمل و عمل و حماس.يجب أن نتمسك بأمل و حماس الثورة سواء كنا رجال الشارع أو نشطاء سياسيين,فمهما حدث,لن نرجع للعهد البائد, فالقادم لن يخدعنا بسهولة,و بإستمرار توافر القنوات الفضائية و الشبكة العنكبوتية لن يخدعنا أبدا.كلنا ذلك الجيل الذي شارك في الميدان و خارج الميدان و أمام منزله في لجان شعبية...فقد أتينا بما لم يأته لنا أباؤنا,أتينا بالثقة و بالإعتماد على النفس و بالإنتماء و المجد و المفخرة للبلاد.فبعد أن كنا نسخر من أنفسنا أصبحنا نقارن بين ثورتنا السلمية و أحداث الشغب اللندنية و نرى الثورات من حولنا تتبعنا فتزيدنا ثقة في نظر العالم,فبعد أن كان العالم يتابع الأحداث الأمريكية أصبح تركيزه في أحداث مصر و الثورات العربية و ما قد يحدث من مظاهرات ضد تعدي الشرطة...فقد أشعلنا في شباب دول العالم الوعي بحقوقهم و الغضب على من يتعدى على حرياتهم.لكن القلق كل القلق أن تعمل ضدنا الثقة الزائدة بالنفس فيسقمنا الغرور.وويل لنا إن وثقنا بنجاح الثورة و إنصرفنا لأمور أخرى... فهذا ما قد يمناه المجلس العسكري... ألم تروا إهتمامهم في أن تقام مباراة كرة تحت حراسة الجيش؟ألم تروا إهتمامهم بترهيب كل من ينقد تباطؤهم أو تعديهم على النشطاء السياسيين؟ألم تروا تعديهم عدى مرات على رغبة الشعب,بإدعاء أن الشعب في مرحلة الكيجيتو ديموقراطية؟يجب أن نحكي ثورتنا و لكن إياكم و اليأس...فروح اليأس و تكرار مصطلحات سلبية مثل "الثورة اتسرقت يا جدعااااااااان" يرسخ روح العجز و اليأس مرة أخرى,فلن نختلف بعد قليل عن حالنا في ظل النظام السابق.و لنهتم بما هو مهم لا ما هو يشتتنا عن همنا.فلن يكفوا عن تشتيتنا و البحث عن وسائل جديدة لإبعاد نظرنا عن مسعانا.فلو لم تفلح مباراة,فقد تفلح بعض الأخبار عن صراعات على الحدود أو إعتقال لنشطاء أو كلام هزلي لفاسق.

No comments: