أهلا بيك

أنصحك تدخل على أحلام صماء لو عايز تنتشي,لو عايز تشوف الواقع الكئيب ادخل اقرا رباعيات صاحي و المنسيين

2011/09/13

ما تيجي نلعب؟(3)::الوردة الأولى


قد إعتادت منذ زمن بعيد على أن تستيقظ بدون منبه مبكرا لتقوم بتجهيز الإفطار لها و لزوجها و إبنتها ذات الثلاث أعوام ثم ترتدي ملابسها و تحرص على أن ترتدي إبنتها ملابسها لتقلها للحضانة ثم تذهب الى العمل.لم ينكسر ذلك الروتين إلا أيام العطلة الأسبوعية و عطلات الأعياد النادرة.برغم براءة إبنتها التي تنسي الحزين همومه إلا إنها قد ملت و فاضت مشاعرها غضبا. فأين زوجها؟أين دفء العلاقة المقدسة؟كانت قد سكتت عن الكلام منذ زمن بعيد,هل من المنطقي أن تمر بفترة الخرس الزوجي في تلك المرحلة المبكرة من عمر علاقتها بزوجها؟كانت تتحجج بأنها تستيقظ قبل ميعاد إستيقاظ زوجها و تنام قبل مجيئه من العمل,إلا أن العطلات الأسبوعة أبطلت كل الحجج,فبرغم كونها عطلة إلا أن زوجها والد إبنتها لم يعرض عليهم قط الخروج للفسحة,و حين عرضت عليه ذلك الإقتراح دوما كان رده إما تكاسل أو تجاهل.لم تعد تسأل أو تهتم,و كأنها إعتادت أو تأقلمت على الحياة هكذا.بدأ يومها كالمعتاد دون أي إختلاف...ذهبت لعملها مرورا بالزنقة المرورية و إلات التنبيه المزعجة إلى أن وصلت للشركة لتصعد إلى مكتبها و تفرغ حقيبتها من أوراق العمل لتبدأ يومها كموظفة.ثم تأتي ساعة إستراحة القطور فتنتهزها فرصة لإشباع رغبتها في الحديث و النميمة,فإن إفتقد الحديث مع زوجها فهي تستعيض بالحديث مع إبنتها و زميلاتها في العمل.ها هي تنصت و تناقش زميلاتها فيما يحكون و ربما تتحدث قليلا عن ما تفعل إبنتها أم ما قالته.و حين تنتهي إستراحة النصف ساعة تعود الى مكتبها لتكمل ما عليها من أعمال و حسابات...الى أن إنتهت من رزمة أوراق ثم بدأت تبحث بعينيها عن الدباسة لتقيد الأوراق في كيان واحد.ثم فتحت الدرج لتجد الدباسة و لكن زهت الوردة و طغى لونها الأحمر على بقية محتويات الدرج,حتى إنها نست لوهلة لما فتحت الدرج و تلاشت الدنيا من حول الوردة الملقاه. إستجمعت شتات نفسها فأخرجت الدباسة و أغلقت الدرج كمن يخفي حبيبه المتسلل من أعين المارة.لم تستوعب.لم تفهم.من وضع تلك الوردة؟نظرت لمن حولها متفحصة,كأنها تشاهد صف المتهمين لتحدد الجاني.الكل مشغول في عمله.الكل يعلم أنها متزوجة,لما هذه الوردة هنا؟حاولت التشاغل بالعمل لكن بعد ساعتين كادت تنساها بالفعل,لكنا تذكرتها قبل أن ترحل,فهي تلملم حاجياتها و تلقي نظرة خاطفة في الأدراج للتأكد من أن كل شيء في مكانه,توقفت أمام تلك الحمراء القابعة في الدرج.لم تدر ماذا تفعل,هل تأخذها معها أم تتركها حبيسة الدرج حتى تذبل؟قامت بإخفائها في حقيبتها البلاستيكية بعيدا عن أنظار زملائها و همت بالرحيل.لكن رأت أنه من المستحيل الذهاب الى المنزل بتل الوردة,فهي قد تثير غيرة زوجها,و لكن مهلا,و لما لا؟عسى هذا يوقظ إحساسه بوجودها!أخذت إبنتها من الحضانة و ذهبت للمنزل لتعد الغداء و تقوم بعدة واجبات منزلية أخرى ثم جلست على الأريكة لتشاهد التلفاز.تنظر الى الحقيبة البلاستيكية و البقعة الحمراء التي تطل منها كمن يراقبها في صمت.هل هناك من يحاول إثارتها؟هل من "معجب ولهان"؟بما قد يعجب بي؟إنها قد نست مواطن جمالها.ذهبت لحجرة النوم و في يدها الوردة بين أصابعها.نظرت الى المراّه قليلا,تعبث بأناملها في خصلات شعرها ثم حاجبيها,إنها مازالت تحتفظ بجمال الشباب رغم تلك العيون ذات الحزن الدفين.زرعت الوردة بين خصلات شعرها كمن يختم بصلاحية هذا الجمال.تأملات قسمات وجهها,تابعت جفناها يغرورقان فيفيض الدمع ليسيل على خدها.بكاء صامت.


في اليوم التالي إستيقظت في ميعادها لترمق الوردة في القنينة بنظرات ألم.قد قررت أنها لن تسمح بأن تبق هكذا لبقية العمر,و أنها إن لم تغير من الوضع فيجب الإنفصال.لم ترى طلب الإنفصال نوعا من الأناني,فهي رأت أنها إن لم تعامل كزوجة,فستقصر في دورها كأم,و هي لا تشعر بدور الأب في حياة الإبنة...إنه أب و زوج عاطل,قد سحب عنه عمله تلك الألقاب.لم تهتم بمصير زوجها أو رد فعله...قررت أنه لو لم يتحمل الوضع فعليه التضحية و التغير لسد النقص الذي لم يشبعه منذ أمد بعيد.إنتقت أقصى طريقة عليه للإنفصال.الإنفصال في صمت.كانت قد أقامت عدة إتصالات لتحديد لوكاندة رخيصة لها و إبنتها الى أن تجد شقة إيجار بثمن جيد.و كانت أعدت العدة للرحيل قبل أن تنام.مرت مع إبنتها في الصباح الباكر على تلك اللوكاندة المتواضعة للتأكد من جودة الحجرة و لترك أحمالهم قبل الذهاب للحضانة ثم العمل.لم تجب على أسئلة إبنتها الملحة عن سبب الإنتقال المفاجئ و عن أبيها.ذهبت الى عملها و كأنه أول يوم "مختلف" فهي قد كسرت الروتين.بل إنها في إستراحة الفتور قصت عليهم بصوت متهدج و عين دامعة عما فعلته,ربما في محاولة لكسب ودهم و عطفهم لتشعر بأنها إستحقت ذلك.و كان التعاطف الى أن وصلت لقرار الرحيل في صمت و دون أي إشارات.فبدأ الإختلاف في الظهور,فحزب مؤيد و حزب معارض.فكان عليها الحديث قبل الرحيل,إعطائه فرصة للدفاع عن نفسه أو المحاولة في تغيير الأوضاع,أقلها إخباره بمكان مكوثها كي لا يفاجأ و يصدم بغيابها المفاجئ!


إستيقظ الزوج ليجد إفطاره معد و مجهز على المنضدة و لكن هناك إختلاف,فهو لاحظ غياب عدة أشياء,أين أحذية زوجته...ثم حين فتح دولاب ملابسها لم يجد سوى شماعات و أرفف خاوية,كذلك الأدراج.لم تترك شيء...سوى تلك الوردة القابعة في قنينة أمام المراّه.نظر الى تلك الوردة و كأنه يتمنى أن تنطق لتوضح له ما القصة.ليته سأل زوجته قبل أن تأتي الوردة.


(لكن ترى ما ماذا قد حدث طوال هذه السنين يجعل تلك العلاقة تنتهي هكذا,أو لأعدل السؤال:ماذا لم يحدث؟؟)

No comments: